“كنا نحتفل، نرقص، الشوارع امتلأت بهجة وفرحا وسرورا، كنا نهنئ بعضنا البعض بانتهاء هذا الكابوس، قبل أن ينقلب الوضع 180 درجة، بين ليلة وضحاها”، هكذا يصف عدد من سكان مدينة رفح بجنوب قطاع غزة حالهم قبيل الإعلان عن قبول حماس الهدنة، وقبل أن يبدأ الجيش الإسرائيلي “عملية عسكرية محدودة” شرق المدينة.
من حال إلى آخر؟
الاثنين، طلب الجيش الإسرائيلي، من سكان المناطق الشرقية في مدينة رفح إخلاءها والانتقال إلى منطقة المواصي الواقعة إلى شمال غرب رفح، مشيرا إلى أن العملية ستشمل مئة ألف شخص.
وتقع “منطقة المواصي” على الشريط الساحلي بطول عدة كيلومترات، وتمتد من دير البلح شمالا مرورا بمحافظة خان يونس، حتى محافظة رفح جنوبا بعمق كيلومتر تقريبا.
وبعد ساعات من مطالبة الجيش الإسرائيلي لهم بالبحث عن مكان آمن جديد، خرج سكان المدينة إلى الشوارع، ليلة الاثنين، بعدما قالت حركة حماس إنها قبلت اقتراحا لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
لكن أصبح من الواضح أن الاحتفالات كانت سابقة لأوانها، فالثلاثاء، نشر الجيش الإسرائيلي دباباته، في رفح حيث سيطر على الجزء الفلسطيني من المعبر الحدودي مع مصر، وقال إنه ينفذ عملية “لمكافحة الإرهاب” في “مناطق محددة” بشرق المدينة.
وفي حديثه لموقع “الحرة”، يصف النازح من شمال قطاع غزة إلى رفح، لؤي أبو محمد، مشاعره قبيل إعلان حماس عن قبول الهدنة، ويقول: “رغم الدمار والخراب بالمدينة كنا نشعر بالسعادة.. كان الأمل هو الشعور السائد.. قبل أن ينقلب الحال”.
كان الصغار والكبار سعداء والشوارع غمرتها السعادة والسرور، لكن المناشير التي ألقاها الجيش الإسرائيلي علينا، لإخطارنا بضرورة ترك المنطقة مرة أخرى، حول تلك المشاعر إلى “خوف ورعب وقلق وحسرة”، وفق أبو محمد.
وبعد أن كان هناك “أمل وبزغ فجر جديد للعودة إلى ديارنا ومنازلنا”، تحول الحال “من نزوح إلى نزوح”، حسبما يشير النازح من شمال غزة.
ويشير أبو محمد إلى أن المشاعر السائدة بين النازحين في الخيام، ليل الاثنين الثلاثاء، كانت تشابه تلك التي شعر بها السكان في بداية الحرب.
تحطمت آمالي
ولذلك، تقول الطفلة النازحة من شمال غزة إلى رفح، مرح رامي، إنها كانت تنتظر لحظة إعلان الهدنة، وبعد الإعلان بدأت تخطط مع أسرتها للعودة إلى منازلهم بالشمال للقاء بعض أفراد أسرتها الذين ما زالوا هناك.
وتتحدث رامي البالغة 17 عاما لموقع “الحرة”، عن “تحطم أحلامهم وآمالهم خلال ساعات قليلة.. بعد دخول الجيش الإسرائيلي شرق رفح”.
وتشير إلى وجودها في غرب مدينة رفح، وتقول: “أجلس بخيمة من مخيمات الإيواء.. كلي رعب وخوف.. أشعر أن الجيش الإسرائيلي قد يدخل علينا في أي لحظة”.
إلى أين أذهب؟
اضطر معظم سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى ترك منازلهم بعد تدمير واسع للقطاع.
ويعيش حوالي 1.2 مليون شخص حاليا في مدينة رفح، وقد فر معظمهم إليها من أماكن أخرى في قطاع غزة خلال الحرب المتواصلة منذ سبعة أشهر بين إسرائيل وحركة حماس المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى.
ولذلك، يصف النازح من شمال غزة إلى رفح، أحمد وائل، مشاعر “الحزن والإحباط” التي سادت سكان المدينة بعدما “فرحوا وشعروا بالسعادة لأول مرة منذ 7 أشهر”.
وفي حديثه لموقع “الحرة”، يشير إلى أنه نزح 7 مرات بين مناطق مختلفة في قطاع غزة، متسائلا:” إلى أين أذهب بعد ذلك؟”.
ويقول: “لا توجد منطقة آمنة… لا يوجد شيء في غزة إلا الموت”.
واندلعت الحرب إثر هجوم حركة حماس غير المسبوق على مناطق ومواقع محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.
وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل “القضاء على الحركة”، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن مقتل 34789 فلسطينيا، معظمهم من النساء والأطفال، وفق ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع.